وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين “إنها بداية قصة جديدة” مع “اتفاق سيفيد كلا الطرفين” و”يجلب فوائد كبيرة للمستهلكين والشركات” إذا تمت المصادقة عليه. تصريحات فون دير لايين جاءت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رؤساء الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي للإعلان عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد مناقشات استمرت 25 عاما. وقالت فون دير لايين إن “مخاوف مزارعينا” أخذت في الاعتبار وإن “هذا الاتفاق يتضمن ضمانات قوية لحماية سبل عيشنا”. لكن بالنسبة لفرنسا، رأس حربة الدول المعارضة لهذا الاتفاق من منطلق الدفاع عن المزارعين الذين يخشون منافسة غير عادلة مع المزارع البرازيلية الضخمة، “من الواضح أنها ليست نهاية القصة”، وفقا لوزيرة التجارة الخارجية في الحكومة الفرنسية المستقيلة، صوفي بريماس. وتابعت الوزيرة في تصريح لوكالة فرانس برس “ليس ذلك توقيعا للاتفاق بل مجرد إنجاز سياسي للمفاوضات. إنه ملزم فقط للمفوضية، وليس للدول الأعضاء”. وفي باريس، أكدت الرئاسة الفرنسية أن الاتفاق الذي تم التوصل اليه “يبقى غير مقبول”، وقالت إن “المفوضية أنجزت عملها لجهة التفاوض مع ميركوسور، إنها مسؤوليتها، لكن الاتفاق لم يوقع ولم يبرم، ليست إذا نهاية القصة”. وجاء في بيان لتحالف الغالبية النقابية في القطاع الزراعي الفرنسي FNSEA-JA الذي كثّف تحركاته الاحتجاجية في الأسابيع الأخيرة “ليست هذه المصادقة مجرد استفزاز للمزارعين الأوروبيين الذي يطبّقون أعلى معايير الإنتاج في العالم، بل أيضا إنكار للديموقرطية في حين أن الغالبية الساحقة من برلمانيينا الفرنسيين أعربوا عن معارضتهم لهذا الاتفاق”. واعتبر التحالف أن “فون دير لايين خانت المزارعين الأوروبيين”. واعتبرت المنظمة الأوروبية للنقابات الزراعية “كوبا-كوجيكا” (Copa-Cogeca) أن هذه الاتفاقية تبعث “برسالة كارثية إلى ملايين المزارعين الأوروبيين”. ودعت المنظمة “الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي إلى التعبئة ضد هذا الاتفاق” الذي “سيؤدي إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها العديد من المزارع”. أقلية مُعترضة يهدف مشروع المعاهدة التي تناقش منذ العام 1999، إلى إلغاء غالبية الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور من أجل إقامة سوق واسعة تضم أكثر من 700 مليون مستهلك. وقالت فون دير لايين إنّها “أكبر شراكة تجارية واستثمارية على الإطلاق. ستستفيد منها المنطقتان”. وشدّد المستشار الألماني أولاف شولتس الذي دعم توجّه فون دير لايين إلى أوروغواي لفتح آفاق أسواق جديدة لصناعات بلاده، على أن “عقبة كبيرة قد أزيلت”، وأن “الاتفاق السياسي (…) بات موجودا” وهو سيسمح “بمزيد من النمو والقدرة التنافسية”. ورحّب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، وهو أيضا من كبار داعمي فتح آفاق اقتصادية جديدة مع “دول أميركا اللاتينية الشقيقة”، بـ”اتفاق تاريخي” يقيم “جسرا اقتصاديا غير مسبوق بين أوروبا وأميركا اللاتينية”. وأكد سانشيز أن “إسبانيا ستعمل على ضمان موافقة الغالبية في المجلس الأوروبي على هذا الاتفاق”. بموجب المعاهدات الأوروبية، تُعتبر المفوضية المفاوض الوحيد في الاتفاقات التجارية نيابة عن الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولكن أيّ نص يتم التوصل إليه مع دول ميركوسور يجب المصادقة عليه عبر موافقة 15 دولة عضوا على الأقل أي ما يمثّل 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، ثمّ عبر الحصول على موافقة غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي. ويمكن لأقلية مُعترضة أن تعطل المصادقة على الاتفاق أيضا. وهذا ما يسعى إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي “أكد مجددا” لفون دير لايين أنّ مسودة الاتفاقية التجارية “غير مقبولة بصيغتها الحالية”، وأنه سيواصل “الدفاع بلا كلل عن سيادتنا الزراعية”، وفق الإليزيه. وانضمّت إيطاليا إلى جبهة المعارضين مؤخرا، بعدما أكد رئيس الحكومة البولندي دونالد توسك في نهاية نوفمبر أنّه لن يقبل بمشروع الاتفاق “وفق هذه الصيغة”. وقالت مصادر حكومية إيطالية الخميس إنّ “الشروط غير متوافرة لتوقيع النص الحالي”، مضيفة أنّ روما تدعو إلى تعديل النص لتأمين قدر أكبر من الحماية لقطاع الزراعة الأوروبي. ولا تقتصر المعارضة على هذه الدول الثلاث، فقد أعربت النمسا وهولندا عن هواجس بشأن الاتفاق، الأمر الذي قد ينسحب أيضا على إيرلندا. لمنع تبنّي الاتفاق، تحتاج فرنسا إلى ثلاث دول أخرى تمثّل أكثر من 35 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، وهي عتبة يمكن تخطيها بسهولة في حال تأكد اصطفاف روما ووارسو إلى جانب باريس.