وجاءت تصريحات المبعوث الأميركي، في ظل اتهامات عن وقوف تنظيم الإخوان وراء الرفض المتكرر للجيش بوقف الحرب، وبعد يوم واحد من حديث أدلى به ياسر العطا، مساعد قائد الجيش السوداني وأثار جدلا واسعا، قال فيه إن الجيش لن يسلم الحكم للقوى المدنية دون انتخابات، مشيرا إلى خطة للدخول في فترة انتقالية بعد الحرب يقودها عبد الفتاح البرهان.
مخاوف جدية
أشار بيريلو في مقابلة أجرتها معه محطة الإذاعة الوطنية الأميركية، إلى أن “جنرالات الحرب” وداعميهم من المتشددين يقودون السودان وسكانه إلى مصير “مروع” ستكون له تأثيرات بالغة الخطورة على المنطقة ككل.
- Advertisement -
وأضاف: “نشهد عودة الفصائل المتشددة التي رأينا السودان يقضي وقتا طويلا في القضاء عليها لاستعادة نوع الديمقراطية التي أرادها الناس”.
وبعد سقوط نظامهم في أبريل 2019، استخدم الإخوان 3 أدوات لتهيئة المسرح لعودة حكمهم مجددا، مستندين إلى شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والإعلامي والعسكري التي تمكنوا من بنائها خلال العقود الثلاثة الماضية.
ومنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، توسع نفوذ الإخوان في الجيش بشكل كبير، عندما بدأوا في استخدام شعارات دينية ومتطرفة لدغدغة مشاعر الشباب وإشراكهم في الحرب الأهلية في جبال النوبة والنيل الأزرق والجنوب ذي الغالبية المسيحية والذي انفصل في العام 2011 وكوّن دولته المستقلة.
وتضغط كتائب الإخوان في اتجاه استمرار الحرب وعدم الرضوخ لأي حلول سلمية.
- Advertisement -
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي محمد لطيف لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “الجيش مجرد أداة لتنفيذ برامجهم”.
وظهر قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد، الأسبوع الماضي وهو يعلن “النصر” بعد لحظات من دخول الجيش للمقر الذي كان خاضعا لسيطرة قوات الدعم السريع منذ الأسابيع الأولى من اندلاع القتال في منتصف أبريل.
وفي الجانب الآخر نشطت منصات إعلامية تابعة للإخوان في تمجيد دور ما أسمته بـ “كوادر الحركة” في القتال، وذهبت بعض المنصات إلى أبعد من ذلك واعتبرت أن الخطوة شكلت بداية الطريق لعودة التنظيم للحكم ونهاية لأي دور للأحزاب السياسية التي قادت التغيير الذي أطاح في أبريل 2019 بحكم الإخوان الذي استمر ثلاثة عقود.
وتمثل الوجه الثالث للظهور العلني في التصريحات التي نقلت على لسان الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي والتي قطع فيها بعدم الرضوخ لأي هدنة أو حلول تفاوضية.
- Advertisement -
البعد الإنساني
يشكل البعد الإنساني واحدا من أكبر مخاوف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي حيث تتزايد تكلفة الحرب التي قُتل فيها نحو 14 ألف شخص وأدت إلى فرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم، في ظل تفاقم أزمة الجوع التي باتت تحاصر أكثر من 25 مليون شخص.
ووفق بيريلو فإن الأزمة الإنسانية باتت تهدد الملايين، وأضاف قائلا: “لقد أصبحت أزمة إنسانية مروعة، فنحن نتحدث عن الملايين والملايين من النازحين من منازلهم، ونتلقى تقارير تفيد بأن عشرات الأطفال يموتون من الجوع، وتصاعد القتال يجعل الوضع أسوأ بكثير”.
وشدد على أن “السودانيين يطاردهم الموت المنبعث من كل مكان. هذه حرب لم تكن ضرورية”.
وأكد بيريلو دعم الولايات المتحدة للمبادرات الإفريقية، قائلا “يجب علينا إسكات السلاح وأعتقد أن شركاءنا الأفارقة لديهم تأثير كبير”.
وبحث بيريلو الأحد في جيبوتي مع السكرتير التنفيذي للهيئة المعنية بالتنمية في إفريقيا “إيغاد” ورقني قبيهو سبل حل النزاع والتوصل إلى سلام في السودان.
وذكر قبيهو على حسابه الرسمي بموقع إكس “شددنا على الحاجة إلى تنسيق الجهود والمساعدة في إيجاد حل للصراع”.
ورغم تجميد الحكومة القائمة في السودان عضويتها فيها، إلا أن “إيغاد” أعلنت تصميمها على استخدام جميع الوسائل والقدرات لوقف الحرب في السودان بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، وحشد دعم المجتمع الدولي لخطتها التي تشكل في نظر الكثير من المراقبين والعديد من الأطراف الدولية والإقليمية، إطارا عمليا لحل الأزمة المستفحلة في السودان.
وتتبنى المنظمة خارطة طريق مكونة من 6 نقاط تشمل:
■ وقف إطلاق النار الدائم وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.
■ إخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم.
■ نشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية في العاصمة.
■ معالجة الأوضاع الإنسانية السيئة الناجمة عن الحرب.
■ إشراك قوات الشرطة والأمن في عملية تأمين المرافق العامة.
■ البدء في عملية سياسية لتسوية الأزمة بشكل نهائي.
وتعتبر مسألة الحفاظ على الأمن الإقليمي من أبرز الدوافع التي قد تسند أي تدخلات محتملة سواء من الاتحاد الإفريقي أو “الإيغاد”.
وحول ذلك، قال السفير نور الدين منان، لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “الدول المجاورة للسودان لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستتدخل بدعوى حماية حدودها وأمنها من المخاطر الأمنية المحتملة في حال تفكك الدولة وتشظيها”.
وفي ذات السياق قال المحلل السياسي الأمين مختار إن وقف الحرب يتطلب الدخول في مفاوضات غير مشروطة تؤدي إلى إنهاء المظاهر العسكرية وخروج كل قوات الجيش والدعم السريع من المواقع المدنية بالعاصمة والولايات وإطلاق عملية شاملة بضمانات ورقابة دولية وإقليمية.