ويأتي إعلان الإمارات عن استثمار 40 مليار دولار في السوق الإيطالية خلال السنوات المقبلة ليعكس مستوى الثقة المتبادلة، ويؤسس لشراكة مستدامة تغطي مجالات الصناعة، التكنولوجيا المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، الطاقة، الدفاع، النقل، الفضاء، والتعدين.
حجم التبادل التجاري والاستثمارات يعكس عمق الشراكة
تُعدّ إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، بإجمالي ناتج محلي تجاوز 2.2 تريليون دولار، كما أنها من كبار المصدرين عالميًا، إذ بلغت قيمة صادراتها السنوية 638 مليار دولار.
في المقابل، شهدت الاستثمارات الإيطالية في الإمارات نموًا بأكثر من 50 بالمئة خلال السنوات الخمس الماضية، بينما سجل التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 14 مليار دولار، ما جعل إيطاليا الشريك التجاري الأول للإمارات داخل الاتحاد الأوروبي.
- Advertisement -
وفي هذا السياق، صرّح سفير إيطاليا لدى الإمارات، لورينزو فنارا، خلال حديثه لبرنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية قائلًا: “نحن نشهد تحولًا نوعيًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. لم يعد التعاون يقتصر على التبادل التجاري التقليدي، بل تطور ليشمل الاستثمارات الاستراتيجية طويلة الأمد في القطاعات الحيوية التي تشكل مستقبل الاقتصاد العالمي”.
زيارة تاريخية تعزز مسار التعاون
جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى إيطاليا لتؤكد هذا التقارب الاستراتيجي. واعتبر السفير فنارا أن “هذه الزيارة كانت علامة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية، كونها المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس إماراتي بزيارة رسمية إلى إيطاليا”.
ومن أبرز مخرجات الزيارة توقيع أكثر من 40 اتفاقية ثنائية، تضمنت شراكات استراتيجية في مجالات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. كما تم توقيع خطاب نوايا بين الشركات الإماراتية MGX وG42 والشركة الإيطالية إيني “ENI” لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مما يعكس التوجه المشترك نحو تعزيز الابتكار التكنولوجي.
إضافة إلى ذلك، شهدت الزيارة توقيع اتفاقية ثلاثية بين الإمارات وإيطاليا وألبانيا للتعاون في مشاريع الطاقة النظيفة، مما يؤكد التزام البلدين بالتحول نحو الطاقة المستدامة والحد من الانبعاثات الكربونية.
وأشار السفير فنارا إلى أن “هذه الاتفاقيات تعكس الرؤية المشتركة للبلدين في بناء مستقبل أكثر استدامة”.
- Advertisement -
رمزية تاريخية تعكس قيم التسامح والتعايش
في لفتة رمزية تعبّر عن التعايش الثقافي والتسامح، قدّم الرئيس الإيطالي خلال الزيارة هدية إلى رئيس دولة الإمارات، تمثلت في عملة معدنية تاريخية تُعرف باسم “تاري”، يعود تاريخها إلى ألف عام، وكانت متداولة في صقلية كرمز للتعايش بين الثقافات المسيحية والإسلامية.
وقال السفير فنارا: “هذه الهدية تجسّد رسالة للتعايش الإنساني والتسامح، فالعملة تحمل رموزًا عربية، وهي تذكير بالتنوع الثقافي الذي كان سائدًا في صقلية قبل ألف عام. الإمارات، بالنسبة إلينا، هي نموذج معاصر للتسامح والتعايش”.
نحو شراكة اقتصادية متنامية
مع استمرار التطورات الإيجابية في هذه العلاقة، يُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة إطلاق المزيد من المشاريع المشتركة، مما سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي لكلا البلدين، وترسيخ موقعهما كقوتين اقتصاديتين عالميتين قادرتين على مواجهة تحديات المستقبل.