وتضع إسرائيل هذه الجثامين فيما يعرف باسم “مقابر الأرقام”، وهي مقابر سرية يُحفظ بداخلها جثامين القتلى والأسرى الذين يتوفون في السجون الإسرائيلية قبل انتهاء مدة محكوميتهم، كما تضم عددا من النساء والأطفال.
ويتجاوز عدد الجثامين المحتجزة بالمقابر الإسرائيلية الـ 600، في حين تشير التقديرات إلى أن الأعداد تضاعفت عقب الحرب في قطاع غزة، وذلك بسبب انتشال إسرائيل لعدد كبير من الجثامين من داخل القطاع إلى أماكن مجهولة.
وتواصل إسرائيل احتجاز الجثامين، في إطار قضائي أصدرته المحكمة العليا في سبتمبر من عام 2019، والذي يجيز احتجاز الجثامين واستخدامها كورقة مساومة خلال أي مفاوضات للتبادل مع الفصائل الفلسطينية.
- Advertisement -
ووفق المحكمة العليا، في حينه، فإنه من المسموح دفن جثامين “الأعداء” من أجل إعادة الجثامين والجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وهو الأمر الذي يستند إلى معايير أمنية تخدم إسرائيل وسلامة مواطنيها.
أماكن سرية
وقال الباحث في الشأن الفلسطيني، خليل تفكجي، إن “مقابر الأرقام الإسرائيلية هي قبور تحمل أرقاما وفق ملفات أمنية”، مشيرا إلى أنها في أماكن سرية غير معلومة، وبها العشرات من الجثامين التي تعود بعضها لستينيات القرن الماضي.
وأوضح تفكجي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “إسرائيل تقوم بدفن جثامين الضحايا الذين تحتجزهم بطرق غير منظمة”، لافتا إلى أن لإسرائيل هدفين رئيسيين من احتجاز الجثامين خاصة منفذي العمليات المسلحة.
- Advertisement -
وأشار إلى أن “الهدف الأول يتمثل في زيادة معاناة عائلات منفذي العمليات والشخصيات التي تصر على تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية”، مبينًا أن الهدف الثاني يتمثل في أن تلك الجثامين ورقة للتفاوض والمساومة في أي صفقات لتبادل الأسرى.
وبين تفكجي، أنه “من غير المعروف الإجراءات التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بتلك الجثامين من ناحية الاحتفاظ بها أو دفنها في الأماكن السرية”، مؤكدًا أن هناك شكوك تدور حول سرقة إسرائيل لأعضاء تلك الجثامين.
سياسة إسرائيلية
- Advertisement -
وقال الناطق باسم الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، حسين شجاعية، أن “إسرائيل تحتجز منذ عام 1967 نحو 607 من الفلسطينيين والعرب الذين قتلوا في أحداث متفرقة”، مبينًا أن 256 من بينهم دفنوا فيما يعرف باسم “مقابر الأرقام”.
وأوضح شجاعية، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “هذه السياسة أعيد استئنافها من قبل الجيش الإسرائيلي عام 2015، والتي أدت لاحتجاز 351 شهيدًا، بينهم 57 طفلًا و50 أسيرًا فارقوا الحياة داخل السجون الإسرائيلية، إضافة لعدد من الضحايا من عرب الداخل ومن لبنان”.
وأشار إلى أنه ومع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة ارتفعت أعداد الجثامين المحتجزة لأضعاف ما كانت عليه في السابق، لافتا إلى أنه لا يوجد إحصائية رسمية بهذا الشأن إلا أن التقديرات تشير إلى احتجاز 1500 جثة من قطاع غزة.
وبين أن “الحملة الوطنية تواصل مساعيها من أجل إجبار إسرائيل على الإفراج عن تلك الجثامين؛ إلا أن سلطاتها تصر على تجاهل ذلك وربط مصيرهم بمفاوضات تبادل الأسرى والرهائن مع الفصائل الفلسطينية، ووفق شروط قاسية من طرفها”.
ووفق شجاعية، فإنه “من غير المستبعد أن تكون السلطات الإسرائيلية قد أقدمت على سرقة أعضاء الجثامين المحتجزة”، لافتًا إلى أن الحملة رصدت في السابق مؤشرات قوية على قيام مؤسسات إسرائيلية بذلك.
واستكمل “كما رصدنا في غزة عمليات لنبش القبور والمقابر التي أنشأت بشكل مؤقت داخل مناطق متفرقة من غزة وسرقة الجثامين التي بداخلها تحت حجج وذرائع واهية تتعلق بالبحث عن رفات الرهائن الإسرائيليين بالقطاع”.
وبين أن “إسرائيل تحتفظ بالجثامين المختطفة من غزة في حاويات مبردة داخل قاعدة سديه تمان العسكرية”، لافتًا إلى أن ذلك يجري في ظروف غير إنسانية ومخالفة لكافة المعايير والأعراف الدولية والقانونية المتعارف عليها.
قوانين عنصرية
وقال الناطق باسم مفوضية الشهداء والأسرى بحركة فتح، نشأت الوحيدي، إن “إسرائيل تعتمد على قوانين عنصرية في احتجاز جثامين عدد من الفلسطينيين والعرب”، مؤكدًا رفض الفلسطينيين والمجتمع الدولي لتلك الحجج.
وأوضح الوحيدي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “القوانين الإسرائيلية بهذا الشأن تتعمد إهانة الفلسطينيين والعرب، والإساءة لكرامة الإنسان بعد وفاته، خاصة وأن الدفن يتم بطريقة غير مناسبة وفي أماكن غير معروفة”.
وبين أن “الإجراءات الإسرائيلية يمكن اعتبارها جريمة حرب بحق الإنسانية والفلسطينيين، بما يستوجب موقف دولي حاسم”، مؤكدًا أن القيادة الفلسطينية تولي الملف اهتمامًا بالغًا وتعمل مع المجتمع الدولي لدفع إسرائيل للكشف عن تفاصيل مقابر الأرقام والإفراج عن الجثامين الموجودة فيها.
وختم “نطالب بوقفة دولية جادة ضد السياسات الإسرائيلية بحق الأحياء والأموات، كما يجب أن تفرج إسرائيل عن جميع الجثامين، التي مر على بعضها عقود من الزمن”، مشددًا على أن ذلك مسؤولية دولية وإنسانية.