وشهدت مدينة غزة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، مساع حثيثة من أصحاب المطاعم الشهيرة لعودة العمل فيها، فيما لوحظ مؤخرًا بدء معظمها العمل وتقديم الخدمات للسكان والزبائن.
ووفق الإحصاءات الفلسطينية، فإن 80 بالمئة من المطاعم والفنادق السياحية في غزة تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي، سواء عبر القصف المباشر أو التدمير خلال العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، فيما كانت تعاني في السابق من أزمات مالية بسبب الحصار المفروض على غزة.
وعلى الرغم من قلة المواد الأساسية والغذائية وارتفاع ثمن المعروض لأكثر من عشرة أضعافه في أحسن الأحوال، إلا أن أصحاب المطاعم يؤكدون على ضرورة استئناف العمل وتقديم الخدمات، لتعويض خساراتهم المالية من ناحية ولإعادة الحياة لقطاع غزة من ناحية أخرى.
- Advertisement -
تحدي الصعوبات
وقال معتز عبده، صاحب أحد أشهر المطاعم بمدينة غزة، إنه فور إعلان وقف إطلاق النار بدأ بالعمل من أجل ترتيب مطعمه لاستئناف العمل وتقديم الخدمات للزبائن، لافتًا إلى أن مطعمه تعرض للاستهداف المباشر أكثر من مرة.
وأوضح عبده، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “المطعم أغلق على مدار أشهر الحرب المتواصلة في غزة، ولم يكن يتمكن من الوصول إليه وإعادة فتحه بسبب عدم توفر المواد الأساسية لذلك، والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للمنطقة التي يقع فيها”.
وأضاف: “وجدت في اتفاق وقف إطلاق النار الفرصة الملائمة لعودة العمل، وتواصلت مع الطواقم العاملة في المطعم قبل الحرب من أجل البدء فوريًا بتقديم المأكولات وخدمة الزبائن”، مبينًا أن هناك إقبال من العائدين لغزة والسكان على المطعم.
وأشار إلى أن “المطاعم والمرافق السياحية هي أحد أبرز ملامح الحياة الطبيعية في غزة، وعودتها رسالة قوية للعالم على محبة سكان القطاع للحياة، ورغبتهم العيش بسلام بعيدًا عن الحروب والدمار”، مبينًا أنه بالرغم من الصعوبات التي يواجهها إلا أنه مصمم على استمرار العمل بالمطعم.
- Advertisement -
وبين أنه “يضطر لشراء مختلف احتياجات المطعم بأسعار مضاعفة عما كانت عليه في السابق، وبالتالي رفع سعر المأكولات للزبائن”، مشيرًا إلى أنه يفتقد للكثير من الإمكانيات التي كانت متوفرة خلال الحرب ما يحول العودة لوتيرة العمل السابقة.
إصرار على الحياة
وبالرغم من الدمار الكبير الذي حل بمطعم “التايلندي” وهو أكثر المطاعم شهرة في غزة، إثر قصفه من الطائرات الحربية الإسرائيلية واشتعال النيران بكامل مرفقاته خلال الحرب؛ إلا أن مالكه أعاد بناءه وافتتاحه بشكل جزئي لتقديم الخدمات للسكان.
- Advertisement -
ويقول محمد كحيل، أحد المسؤولين عن إدارة المطعم، إن “إسرائيل قصفت خلال الحرب المطعم ما تسبب بدمار كبير فيه واحتراق جميع مرافقه بسبب الحريق الذي نشب على إثر القصف”، مبينًا أنه وبعد وقف إطلاق النار باشرت إدارة المطعم بإعادة إعماره.
وأوضح كحيل، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “عملية تأهيل المطعم استغرقت نحو 3 أسابيع، حيث جرى بناء مبنى جديد من أجل إعداد الطعام وتقديم الخدمات للزبائن، وترميم جزء من المبنى القديم ليكون المطبخ الرئيسي”.
وأشار إلى أنه “بالرغم من الصعوبات وقلة الإمكانيات؛ هناك إصرارًا من الإدارة والعاملين على عودة العمل بالمطعم الذي يعتبر رمزًا من رموز القطاع، خاصة وأن عودته للعمل تعيد الأمل للسكان بعودة الحياة”.
ولفت إلى أنه “تم استبدال القاعة الرئيسية للمطعم بقاعة معدة من النايلون والأخشاب المخصصة لإنشاء خيام النازحين”، لافتًا إلى أن ذلك بمثابة رسالة إصرار على العمل تحت أي ظروف كانت، وتحدي مختلف المعيقات.
استهداف متعمد
وقال الخبير في الاقتصاد الفلسطيني، حامد جاد، إن “خسائر القطاع السياحي الذي تعتبر المطاعم جزءًا منه كبير للغاية”، مشيرًا إلى أن إسرائيل تعمدت إخراج القطاعات الاقتصادية والسياحية عن الخدمة خلال الحرب في غزة.
وأوضح جاد، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “تلك الخسائر تقدر بالمليارات ولا يمكن حصرها في الوقت الحالي بسبب عدم وجود لجنة مختصة بهذا الشأن، علاوة على الدمار الهائل الذي يشهده القطاع السياحي بمختلف مجالاته”.
وأشار إلى أن “عودة عمل المطاعم يأتي في ظل صعوبات كبيرة، وبالرغم من الخسائر المالية الفادحة لأصحابها”، لافتًا إلى أن غلاء الأسعار وندرة السلع والمواد الأساسية والغذائية تمثل أبرز العقبات أمام استمرارها بالعمل.
وأضاف “يضطر أصحاب المطاعم لرفع الأسعار بشكل كبير جدًا بسبب ارتفاع التكلفة، واضطرارهم للحصول عليها من الأسواق السوداء، خاصة ما يتعلق بالوقود الخاصة بتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية، والمواد الغذائية”.
وشدد على ضرورة عمل الجهات المختصة على تقديم المساعدات اللازمة والطارئة لتلك المطاعم للاستمرار في تقديمها للخدمات، قائلًا: “هذه المطاعم تمثل واجهة الحياة بمدينة غزة وعودتها للعمل رسالة قوية ومهمة للعالم لاستئناف إعمار كافة القطاعات الإنسانية والتجارية والسياحية”.