ورغم التحفظات الروسية على هذه المحادثات، إلا أن تصريحات ترامب تثير تساؤلات حول طبيعة هذه الاتصالات والمناورات السياسية التي قد تطرأ على الساحة الدولية.
مواقف متناقضة.. ومناورات سرية
ترامب، الذي كان قد تعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا في أول يوم من رئاسته، أكد أنه تحدث مع بوتين عبر الهاتف بخصوص إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
- Advertisement -
ووفقًا لترامب، أبدى الرئيس الروسي رغبة في الحد من الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن الرئيس الروسي يفضل عدم التوسع في العلن بشأن هذه المحادثات.
لكن، هذه التصريحات لم تجد تأكيدًا رسميًا من الكرملين، الذي نفى أن يكون على دراية بأي اتصالات هاتفية من هذا النوع، ما يطرح تساؤلات حول وجود “صفقات سرية” بين الطرفين.
الضغط على بوتين.. تكهنات وتقارير متناقضة
ويقدم الدبلوماسي الأميركي السابق، لينكولين بلومفيلد، خلال حديثه إلى سكاي نيوز عربية تحليلاً مهمًا حول الموقف الروسي، حيث يشير إلى أن بوتين يفتقر إلى الدعم الشعبي الواسع في روسيا، وهو ما يجعل استمرار الحرب أمرًا معقدًا بالنسبة له.
ويقول بلومفيلد: “الضغط على بوتين يتزايد، لكن الجمهور الروسي لا يبدو مهتمًا بالضغط عليه”، ما يعني أن مواقف الرئيس الروسي قد تكون أكثر تأثراً بالعوامل الدولية والسياسية من أي وقت مضى.
- Advertisement -
ويضيف بلومفيلد أن روسيا بدأت هذه الحرب في عام 2014 كنتيجة مباشرة لرغبة الشعب الأوكراني في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما استفز روسيا التي تعتبر هذه الخطوة تهديدًا لأمنها القومي.
ورغم مرور أكثر من عقد على هذا التصعيد، لا تزال روسيا متمسكة بموقفها في رفض الانضمام المحتمل لأوكرانيا إلى الناتو، وهو ما يمثل أحد الشروط الأساسية التي عرضها بوتين.
ترامب والمفاوضات الغامضة.. هل هي بداية للصفقة الكبرى؟
- Advertisement -
ترامب، الذي يروج لفكرة التفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب، قد يكون يسعى لتحقيق موازنة بين مصالح الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، ومصالحه الشخصية من جهة أخرى.
يشير بلومفيلد إلى أن ترامب ليس الوحيد الذي يرى في هذه الحرب فرصة لتغيير موازين القوى، حيث توجد تكهنات حول كيفية استخدام ترامب لمواقفه كأداة للمناورة بين كييف وموسكو.
وفقًا لترامب، قد يستغرق الأمر حوالي 6 أشهر للوصول إلى اتفاق حقيقي لوقف الحرب. ولكن هذا التصريح يعكس تعقيد الوضع الحالي في أوكرانيا، حيث تفيد التقارير الميدانية بخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات العسكرية من الجانبين.
الرسائل السياسية والتحديات المستقبلية
يعتقد بلومفيلد أن الأزمة الأوكرانية قد تحمل تداعيات خطيرة على السياسة الأميركية والدول الحليفة لها، حيث يرى أن الرسائل التي قد تحملها مفاوضات السلام سيكون لها تأثير بعيد المدى على قضايا أخرى مثل تايوان وفلسطين. وهو ما يجعل أي تنازل عن الأراضي الأوكرانية بمثابة إشارة غير مواتية لحقوق الشعوب في مناطق أخرى.
وبالرجوع إلى مواقف ترامب، تظل التساؤلات حول كيفية مساومة كييف للحصول على ضمانات أمنية في مقابل التنازل عن بعض الأراضي أو تقديم معادن ثمينة مقابل الأسلحة، مثيرة للجدل.
ترامب قد يكون يمهد الطريق لمفاوضات حول مستقبل أوكرانيا، ولكنه في الوقت ذاته يبدو في حاجة إلى دعم كييف لضمان قوتها العسكرية.
صراع لا يبدو أن له نهاية قريبة
على الرغم من تعهد ترامب بإيقاف الحرب في أوكرانيا، إلا أن الواقع على الأرض يظل معقدًا، والمواقف الدولية تتغير بسرعة. بينما يبدو أن هناك تواصلاً غير معلن بين ترامب وبوتين، فإن الأسئلة حول مدى جدية هذه المفاوضات والتأثيرات على الميدان تبقى مفتوحة. سواء كانت هذه اتصالات تمهيدية لصنع “صفقة سلام”، أو مجرد مناورة سياسية، سيظل مستقبل الحرب في أوكرانيا نقطة تحول حاسمة في السياسة الدولية.