بحسب ما كشفته وكالة “رويترز”، نقلت إدارة ترامب عبر 3 مسؤولين أميركيين رسائل واضحة إلى كل من رئيس الحكومة المكلف نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزيف عون، مفادها أن حزب الله يجب ألا يكون جزءًا من الحكومة المقبلة، ليس فقط عبر قطع الطريق أمامه للحصول على وزارة المالية، بل بمنع مشاركته في الحكومة ككل.
وفيما تتذرع واشنطن بأن إشراك الحزب وحركة أمل في الحكومة سيؤثر سلبا على فرص لبنان في الحصول على مساعدات دولية، يطرح التساؤل حول الهدف الفعلي لهذا التصعيد، خاصة في ظل الضغوط الإسرائيلية المستمرة لضرب ما تسميه “خطوط إمداد حزب الله”، بمباركة أميركية واضحة.
حزب الله بين الضغوط المالية والموقف الإقليمي
- Advertisement -
يرى الباحث السياسي فيصل عبد الساتر خلال حديثه لسكاي نيوز عربية أن هذه الضغوط تأتي ضمن إطار أوسع يهدف إلى محاصرة الحزب اقتصاديًا، متسائلًا: “هل يعاني الحزب من جفاف مالي؟” خصوصًا بعد أن أعلن تأجيل دفع تعويضات لسكان الجنوب والضاحية الجنوبية الذين تضررت منازلهم خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
إضافةً إلى ذلك، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عما سمّته “دبلوماسية الحقائب”، حيث اتهمت إسرائيل دبلوماسيين إيرانيين بنقل ملايين الدولارات نقدا إلى حزب الله، وهي اتهامات لم تؤكدها مصادر رسمية لبنانية، لكنها تعكس مساعي إسرائيل لخلق حالة من التوتر الدولي ضد الحزب.
ازدواجية المعايير الأميركية والإسرائيلية
ويبرز هنا تناقض واضح في الموقف الأميركي، فبينما تُصرّ واشنطن على استبعاد حزب الله من الحكومة اللبنانية بحجة دعم “الاستقرار”، تغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، والتي وصلت مؤخرًا إلى شنّ غارة على منطقة بعلبك في البقاع الشرقي، مستهدفة ما قالت إسرائيل إنه “موقع تحت الأرض لتطوير الأسلحة”.
وفي هذا السياق، يلفت عبد الساتر النظر إلى أن “لبنان يواجه معركة كبرى للحفاظ على سيادته، إذ أن القبول بالشروط الأميركية والإسرائيلية قد يؤدي إلى فقدان استقلالية القرار الوطني”. كما تساءل عن سبب عدم فرض شروط مماثلة على القادة الإسرائيليين رغم تاريخهم في الصراعات الإقليمية.
- Advertisement -
رهانات حزب الله.. الدولة أم المقاومة؟
يطرح السؤال الجوهري: هل يريد حزب الله بناء دولة بالشراكة مع اللبنانيين؟
في ظل المعطيات الحالية، يبدو أن الحزب لا يزال متمسكًا بثلاثية “جيش، شعب، مقاومة” التي تجاوزها الزمن، وفق ما يراه خصومه، في وقت تتجه فيه غالبية اللبنانيين إلى المطالبة بإعادة بناء الدولة على أسس حديثة بعيدًا عن الأيديولوجيا والترهيب السياسي.
- Advertisement -
لكن عبد الساتر يطرح وجهة نظر مختلفة، مؤكدًا أن “بناء الدولة لا يتم بالأمنيات وحدها، بل يحتاج إلى مشاركة جميع اللبنانيين، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بسبب النظام الطائفي القائم”، مشيرًا إلى أن إقصاء حزب الله من الحكومة لن يكون الحل، بل قد يفاقم الأزمة السياسية في البلاد. إلى أين تتجه الأزمة؟.
تبدو الأزمة اللبنانية أمام مفترق طرق خطير، إذ أن الضغوط الخارجية، سواء من الولايات المتحدة أو إسرائيل، قد تدفع حزب الله إلى مزيد من التشدد، في حين أن الداخل اللبناني يعاني من شلل سياسي واقتصادي خانق. وبينما تتجه الأنظار إلى الحكومة المرتقبة، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع لبنان الحفاظ على استقلالية قراره السياسي، أم أنه سيتحول إلى ساحة صراع بين القوى الإقليمية والدولية؟.