ورغم محاولات أطراف عديدة لتحقيق اختراقات على هذا الصعيد، يبقى السؤال مفتوحا: هل يتحقق الاستقرار عبر الحسم العسكري أم من خلال الحوار السياسي؟
التحديات السياسية والعسكرية
يرى الكاتب الصحفي خير الله خير الله أن تركيا تُعد لاعبًا أساسيًا في الصراع السوري، مستفيدة من تراجع النفوذ الإيراني والضغوط الدولية على حزب الله، لكنه أشار إلى أن تركيا تواجه تحديًا في الحفاظ على دور منصف بالنظر لدعمها السابق لقوى هاجمت مناطق مثل حلب.
- Advertisement -
ويضيف خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية: “قد يصبح النظام السوري أكثر استجابة للعملية السياسية بفضل الضغوط الروسية الساعية لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة”.
ومع ذلك، يشدد خير الله على أن القرار 2254 يمثل الأساس المقبول دوليًا للتسوية منذ 2015، لكن التوترات الحالية وتراجع القدرة العسكرية الروسية نتيجة الحرب في أوكرانيا تعيق تحقيق تقدم كبير.
من جانبه، يوضح الكاتب والباحث السياسي أسامة دنورة أن القرار 2254 يُقصي الجهات المرتبطة بتنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين من أي عملية سياسية، مشيرًا إلى أن دعم تركيا لبعض الفصائل المسلحة يعقد الموقف.
ويقول: “لا يمكن قبول تدخل قوى خارجية لفرض حل سياسي يؤدي إلى زرع طبقة سياسية تركية داخل السيادة السورية”.
كما يرى أن السيادة السورية لا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال، داعيًا إلى تعزيز الدور العربي في مواجهة التحديات.
- Advertisement -
الزوايا الإقليمية والدولية
الكاتب والباحث السياسي فراس رضوان أوغلو يؤكد لـ”سكاي نيوز عربية” على أهمية الحوار المبني على المصلحة الوطنية لكل من سوريا وتركيا.
ويشير إلى أن تركيا ليست فقط حكومة أردوغان أو حزب العدالة والتنمية، بل تتكون من مؤسسات أمنية ودولة عميقة تتشابك مصالحها مع الأمن الإقليمي.
- Advertisement -
ويضيف أن القضية السورية لن تجد حلاً دون توافق دولي يشمل جميع الأطراف المؤثرة.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة قم، الدكتور أحمد مهدي، فيؤكد على أهمية التحالف السوري الإيراني، مشيرًا إلى أن طهران ترى في دمشق حليفًا استراتيجيًا لمواجهة إسرائيل والولايات المتحدة.
ويقول: “إيران لن تتخلى عن دعمها لسوريا، وتسعى إلى تعزيز جهودها الدبلوماسية مع تركيا وروسيا في إطار عملية أستانا”.
كما يلفت إلى أن المحور الإيراني أصبح أكثر قوة وردعًا منذ اندلاع الحرب السورية.
الحسم العسكري أم الحل السياسي؟
رغم محاولات تعزيز الحوار السياسي، لا تزال العمليات العسكرية على الأرض تُلقي بظلالها على المشهد السوري. وتُظهر التطورات أن هناك صعوبات كبيرة في تحقيق حسم عسكري كامل لأي طرف، ما يُبرز الحاجة إلى عملية سياسية شاملة.
وهنا يدعو خير الله إلى عقد مؤتمر دولي بمشاركة عربية واسعة للخروج من إطار أستانا الضيق، مشددًا على ضرورة التعامل بواقعية مع الظروف الراهنة، أما دنورة فيرى أن التسوية السياسية لا يجب أن تتم على حساب السيادة السورية، مشيرًا إلى أهمية الدعم العربي في تعزيز موقف دمشق.
وفي السياق ذاته، يرى رضوان أوغلو أن المفاوضات التركية مع دمشق لا تقتصر على القضايا العسكرية، بل تشمل ملفات اللاجئين وأمن الحدود، بينما يشدد مهدي على أهمية دعم إيران لسوريا في مواجهة الجماعات الإرهابية والضغوط الدولية.
وبينما يبدو أن الحسم العسكري يواجه عقبات متعددة، يتفق معظم المحللين على أن الحل السياسي هو الخيار الأنجح، شريطة أن يكون شاملًا ومتوازنًا، ويحترم السيادة السورية. ويتطلب ذلك جهودًا دولية وإقليمية مشتركة لتحقيق استقرار طويل الأمد ينهي معاناة الشعب السوري، ويمهد الطريق لإعادة الإعمار وبناء مستقبل جديد للبلاد.