ولم يقتصر الأمر عند المذكرة القانونية، إذ قال رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات ضياء رشوان، إن القاهرة ستشارك في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، مشيرا إلى بلاده قدمت مذكرة للمحكمة، وستقوم بتقديم مرافعة شفهية أمامها يوم 21 فبراير.
تأتي تلك الجلسات المرتقبة استجابة لطلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر من العام 2022؛ للحصول على رأي استشاري من المحكمة بشأن العواقب القانونية لسياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية.
ومن المنتظر أن تستمر جلسات المرافعة الشفهية للحصول على الرأي الاستشاري في الفترة من 19 فبراير الجاري وحتى 26 من الشهر ذاته، بمشاركة 52 دولة و3 منظمات دولية.
- Advertisement -
هل الرأي مُلزم؟
وبحسب أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، أحمد أبو الوفا، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبت رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بخصوص المسألة الفلسطينية، لكن هذا يختلف عن دعوى جنوب أفريقيا التي تنظرها المحكمة ذاتها بشأن انتهاك إسرائيل لاتفاقية الإبادة الجماعية.
وفي أواخر 2022، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة لصالح قرار يدعو محكمة العدل الدولية لإعطاء رأي استشاري بشأن “التبعات” القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاستيطان والضم، بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية، ووضع مدينة القدس.
- Advertisement -
وأوضح “أبو الوفا” في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن مصر طلبت التدخل في جلسات الرأي الاستشاري الخاص بالمسألة الفلسطينية، وقدمت طلبها مشفوعًا بإنهاء الاحتلال وتعويض الفلسطينيين عن الانتهاكات التي حدثت، ووقف الأعمال غير المشروعة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية وأي مخالفة للقانون الدولي.
واعتبر أستاذ قانون دولي التدخل المصري بأنه يأتي تأكيدًا للوقوف بجانب الشعب الفلسطيني، لكن الرأي الاستشاري للمحكمة في هذا الصدد “غير مُلزم للدول أو المجتمع الدولي”.
ومع ذلك، ينظر “أبو الوفا” للرأي الاستشاري لمحكمة العدل بأنها حال صدوره لصالح الفلسطينيين “سيكون له قيمة معنوية كبيرة” خاصة في إطار التصعيد الراهن.
- Advertisement -
وقال: “دعوى جنوب أفريقيا خاصة بنزاع قضائي لكنها تقتصر على اتهام إسرائيل بخرق اتفاقية الإبادة الجماعية، والحكم في هذا الصدد سيكون مُلزمًا، بينما الرأي الاستشاري الحالي غير ملزم وليس له تبعات قانونية على أي الطرفين.
كما أكد أستاذ القانون الدولي الدكتور أيمن سلامة، أن الرأي الاستشاري للمحكمة غير ملزم حتى للمحكمة ذاتها، إذ يُمكن للمحكمة مستقبلا أن تفصل “قضائياً” بقرار مخالف لرأي المحكمة الاستشاري الذي سبق أن أدلت به في المسألة المشابهة.
لماذا تدخلت مصر؟
وحدد الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، الأسباب التي دفعت مصر للتقدم بمذكرة لمحكمة العدل الدولية بشأن الممارسات الإسرائيلية في فلسطين، قائلًا:
- القرار المصري مهم في هذا التوقيت لجملة من الاعتبارات على رأسها كون مشاركة دولة بحجم مصر في المنطقة، وأنها أول دولة عربية عقدت اتفاق سلام مع إسرائيل، فهذا يزيد من الزخم والقوة للقرار الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الممارسات الإسرائيلية منذ 75 عامًا.
- حضور مصر ومرافعتها يمثل ضغطًا لاستصدار رأي استشاري إيجابي فيما طلبته بشأن كون الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية غير شرعي ويتنافى مع القانون الدولي، حيث ترتقي الممارسات الإسرائيلية لجرائم الفصل العنصري.
- رغم أن تلك الجلسات منفصلة عن قضية جنوب أفريقيا، لكن صدور حكم لصالح الفلسطينيين سيكون له تأثير سياسي رغم كونه قرارًا استشارياً غير ملزم، إذ يزيد من تدهور صورة إسرائيل دولياً، وقد يضع حدا في نظرة ودعم العالم الغربي لإسرائيل.
- مشاركة مصر في المرافعة يأتي من خلال قناعة بأن الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانوني، حيث تعتبر أن حل الصراع يبدأ بقيام دولة فلسطينية مستقلة، كما يأتي من قناعة مصرية بأنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يعترف بأي إجراءات أحادية اتخذتها إسرائيل، ويعطي دفعة للأفكار التي يتم تتداولها وزارتي الخارجية الأمريكية والبريطانية بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
تفاصيل المذكرة المصرية
- قال رئيس الهيئة العامة المصرية للاستعلامات إن المرافعة الشفهية تتضمن تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأي الاستشاري، باعتبار الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد الأجهزة المخولة وفقا لميثاق المنظمة بطلب رأي استشاري من المحكمة، ونظرا لأن الأمر يتناول الأبعاد القانونية للمستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، المخالفة لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
- فيما يتعلق بموضوع الرأي الاستشاري، تشمل المذكرة المصرية “تأكيد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة”.
- تتضمن المذكرة رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
- المذكرة والمرافعة المصرية تطالبان المحكمة بتأكيد مسؤولية إسرائيل عن كافة تلك الأفعال غير المشروعة دوليا، بما يحتم انسحاب إسرائيل بشكل فوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مدينة القدس الشرقية، وتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لتلك السياسات والممارسات غير المشروعة دوليا.
- تطالب مصر، كافة دول العالم والمجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني للإجراءات الإسرائيلية والكف عن توفير الدعم لإسرائيل، واضطلاع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسؤولياتها في هذا الصدد.
أسباب الرأي الاستشاري
- في أواخر 2022، وبعد يوم من تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية بزعامة بنيامين نتانياهو، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوا، من محكمة العدل الدولية إعطاء رأي استشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، عملاً بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة.
- وجاء طلب إبداء الرأي في قضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في قرار اتخذته الجمعية العامة بأغلبية 87 صوتا، في حين صوتت إسرائيل والولايات المتحدة و24 عضوا آخرين ضد القرار، بينما امتنع 53 عضوا عن التصويت.
- محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي، المعروفة أيضا باسم المحكمة العالمية، هي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة تتعامل مع النزاعات بين الدول، وأحكامها (وليس آرائها الاستشارية) ملزمة رغم أنها لا تملك سلطة إنفاذها.
- طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة تقديم رأي استشاري حول التبعات القانونية “للاحتلال الإسرائيلي والاستيطان والضم… بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية، ووضع مدينة القدس، واعتماد إسرائيل تشريعات وإجراءات تمييزية لتكريس هذه السياسة”.
- كما طلب قرار الأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية تقديم المشورة بشأن كيفية تأثير هذه السياسات والممارسات على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي التبعات القانونية التي تنشأ عن هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة.